لم يكن للعرب قبل الإسلام نقود خاصة بهم، فكانت المعاملات التجارية تتمُّ بالنقود المتداولة في شبه الجزيرة العربية. وقد أشار القرآن الكريم إلى الرحلات التجارية التي كان يقوم بها العرب حيث كانت لهم رحلتان تجاريتان رئيسيتان: رحلة صيفية إلى الشام يحصلون منها على الدنانير الرومية، ورحلة شتوية إلى اليمن يحصلون منها على الدراهم الحميرية.كما كانت ترد إلى شبه الجزيرة العربية الدراهم الفضية التي كانت تُضرب في الأقاليم الشرقية وخاصة في إيران والعراق.
وهكذا كانت العمليات التجارية تجلب إلى بلاد العرب كمية النقود المتداولة بينهم سواء النقود الذهبية البيزنطية أو النقود الفضية الفارسية.
ويذكر البلاذري في كتابه فتوح البلدان أن العرب كانوا يتبايعون بالدنانير على أنها تبر، ويطلقون عليها العين كما يطلقون على الدراهم الفضية كلمة الوَرِق.
فلما جاء الإسلام أقر الرسول الكريم محمد ³ النقود على ما كانت عليه، وتعامل الرسول الكريم نفسه ³ بهذه النقود فزوج عَليَّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، ابنته فاطمة الزهراء على 480 درهمًا، وكذلك فرض الرسول ³ زكاة الأموال بهذه النقود السائدة فجعل في كل خمس أوقيات من الفضة خمسة دراهم، كما جعل في كل عشرين دينارًا نصف دينار، وبعد وفاة الرسول ³ أقر الخليفة أبو بكر الصديق بسنة الرسول ³ في تبني النقود المتداولة بين المسلمين ولم يغير منها شيئًا.
الدِّينار. لفظ مشتق من اللفظ اليوناني اللاتيني دينوريوس أوريس وتعني (الدينار الذهبي) وهو اسم وحدة من وحدات السك الذهبية، وقد عرف العرب هذه العملة الرومانية، وتعاملوا بها قبل الإسلام وبعده.
وقد أدى الدينار البيزنطي دورًا كبيرًا في تاريخ العملة عامة والإسلامية خاصة، وكان شكله المتداول في الجزيرة العربية قبل تعريب السكة في عهد الخليفة الأموي عبدالملك ابن مروان، قطعة مستديرة من الذهب، تحمل على أحد وجهيها صورة الإمبراطور البيزنطي هرقل، ويحيط به ولداه هرقليوناس وقسطنطين، وقد قبض كل منهما على صليب طويل. أما ظهر الدينار فكان عليه رسم لصليب قائم على مدرجات أربعة تحيط به عبارات دعاء والإشارة إلى مكان الضرب بالحروف اليونانية واللاتينية.
وقد ورد ذكر الدينار في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك﴾ آل عمران: 75 ولم يمس الإصلاح النقدي الذي قام به الخليفة عبدالملك بن مروان عيار الدينار، وإنما عمل على ضبط وزنه عن طريق صُنُجٍٍ زجاجية يستحيل أن تقبل زيادة أو نقصان، وأصبح الوزن الشرعي للدينار الإسلامي منذ تعريبه هو 4,25جم.
وأقدم الدنانير العربية تلك التي ضربها الخليفة عبدالملك بن مروان ونقش صورته عليها في عام 74هـ. وقد ظلت مضاعفات الدينار وكسوره مستعملة في جميع البلاد الإسلامية منذ فجر الإسلام، كما شاع في مدينة صقلية في عصر الخلافة الفاطمية ضرب أرباع الدنانير.
الدرهم. وحدة من وحدات السِّكة الفضية، وقد اشتُق اسمه من الدْراخمة اليونانية، وقد عرفه العرب عن طريق معاملاتهم التجارية مع الأقاليم الشرقية التي كانت تتبع قاعدة الفضة في نظامها النقدي، وعلى ذلك اتخذت من الدرهم الفضة نقدها الرئيسي.
وقد كانت أشكال الدراهم الساسانية المتداولة في بلاد العرب قبل التعريب قطعة مستديرة من الفضة على أحد وجهيها نقش يمثل الجزء العلوي منه صورة كسرى الفرس، ويظهر وجهه في وضع جانبي وعلى رأسه التاج الساساني المجنَّح، وعلى الوجه الثاني للدرهم نقش لحارسين مدججين بالسلاح أو بدونه بينهما معبد النار، الذي يسهران على خدمته وحراسته. وتشير الكتابات البهلوية المنقوشة على الدراهم إلى اسم الملك إلى جانب عبارات دعائية له ولأسرته، وعلى الإطار الخارجي للدرهم توجد ثلاثة أو أربعة أَهلَّة وفي داخل كل هلال نجمة إشارة إلى كوكب الزهرة عند تقابله مع القمر، وهو رمز للرخاء عند الشرقيين.
وقد أشار القرآن الكريم إلى الدراهم بوصفها وحدات نقدية، قال تعالى: ﴿وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين﴾ يوسف: 20.
وقد حافظ الإصلاح النقدي في العصر الأموي على عيار الدرهم، حيث كان يمثل7/10من وحدة الدينار، ومن ثم كان وزنه الشرعي 2,97جم، وقد خضع هذا الوزن لعدة تغيرات كبيرة عبر العصور التاريخية نتيجة للظروف السياسية والاقتصادية التي كانت تؤثِّر بدرجة كبيرة في وزن العملة وقيمة العيار.
الفلس. كلمة يونانية مشتقة من اللفظ اللاتيني Follis، وهو اسم وحدة من وحدات السكة النحاسية، وقد عرفه العرب عن طريق معاملاتهم التجارية مع البيزنطيين، ولم يكن للفلس وزن واحد، حيث كان يختلف وزنه من إقليم إلى آخر، وإن كانت النسبة الشرعية بين الفلوس والدراهم معروفة، وهي 1/48.
والأصل في ضرب هذا النوع من النقود النحاسية أن تكون عملة العمليات التجارية بسيطة. ولم يمنع ذلك العرب من الاهتمام بها وبنقوشها وأوزانها ووضعوا من أجل وزنها صُنُجًا زجاجية خاصة مقدرة بالقراريط والخراريب (الخرُّوبة في اصطلاح الصَّاغة: حبة الخرُّوب يُوزن بها).
وكان شكل الفلس قبل التعريب مستدير الشكل، نقش على أحد وجهيه صورة هرقل وعلى الوجه الآخر نقشت عبارات وإشارات نصرانية.