موضوع: مفهوم الخلوة بالمرأة الأحد أبريل 13, 2008 4:55 am
مفهوم الخلوة بالمرأةمفهوم الخلوة بالمرأة إن الأصل في حياة الناس المعيشية هو الاختلاط فيما بينهم في تدبير أمور حياتهم على كافة الأصعدة الاجتماعية ، وقد نظّم الشارع علاقة الناس ببعضهم, ومن ذلك علاقة النكاح بين الرجل والمرأة ,وجعلها وفق نظام معين وحرَّم الفاحشة التي هي علاقة نكاح بين رجل وامرأة بصورة غير شرعية ، وكون الرجل يطلب المرأة جسداً ، والمرأة تطلب قلب الرجل محبة ومودة واهتماماً شرّع الشارع أحكاماً وقائية خشية أن يقع الرجل أو المرأة في الفاحشة . فبدأ بالأمر بغض من بصر الرجل والمرأة عن النظر لما يظهر من محاسن مثيرة .
قال تعالى : [ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ... ، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ... ] النور 30 – 31 فالغض من البصر ليس هو عدم النظر إطلاقاً , وإنما هو التعمد الثقافي لتوجيه البصر بصورة إيجابية طاهرة نقية مع إغفال أي نظر سلبي يتم حصوله, وذلك في تأكيد أن المرأة هي إنسانة, وليست جسداً فحسب مع تفعيل وتحديث مفاهيم الحرام والواجب, فيتم حذف هذه الأبصار السلبية وتوجيهها بصورة إيجابية نحو مفاهيم الاحترام والإنسانية والثقافية . فمن هذا الوجه أتى النهي عن الخلوة بالمرأة كحكم وقائي, والخلوة المقصودة بالنهي ليست هي كل اجتماع يحصل بين الرجل والمرأة لوحدهما في الشارع أو الحديقة أو المطعم أو الجامعة ... الخ مما يدخل تحت اسم المكان العام ، وإنما الخلوة هي انفراد الرجل والمرأة بمكان لا يدخل عليه أحد ، أو يكونان في مأمن من أن ينظر أو يعلم بهما أحد غالباً سواء أكان ذلك في مكان عام مثل الجلوس بين الأشجار في الحديقة أم التواجد في مكتب عمل مغلق لا يأتي عليه أحد ، وما شابه هذه الصور من الخلوة في الحياة المعيشية التي كلها تشترك في مفهوم واحد, وهو أن يأمن الرجل من نظر أو معرفة الآخرين به مع إمكانية ممارسة الفاحشة مع المرأة, وينبغي أن يتعمد الرجل أو المرأة أن لا يقعا في الخلوة , وتصير من المفاهيم الثقافية الوقائية لهما لحفظ الأخلاق والقيم وعدم التساهل في ذلك أبداً . وهذا هو المقصد من حديث النبي صلى الله عليه وآله : [ ما اختلى رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ] أي تحرك بينهما الانجذاب الجسدي الجنسي, وتدعو نفساهما إلى التواصل الجسدي, وذلك محرم عليهما فيفتحان باباً لوسوسة النفس الأمارة بالسوء ,ويدخلان في صراع ما بين الطاعة والمعصية التي غالباً في مثل هذا الموقف ما يكون النصر حليف المعصية ، لذا منذ البداية يقوم الإنسان العاقل باجتناب هذه المعركة الخطيرة المحسومة سلفاً لصالح المعصية ، ولا يضع نفسه في هذا الصراع ، فيقوم بأخذ الاحتياط والوقاية من خلال اجتناب الخلوة ، بل والتعمد على أن لا تحصل ولو عرضاً, وأخذ الوسائل والاحتياطات اللازمة لذلك, وبالذات الحذر من الوسوسة والحيل النفسية التي تزين للإنسان عمله . وذلك من باب سد الذريعة .