الخشوع ـ اقتباس : أخوكم عدنان الخشوع ـ اقتباس : أخوكم عدنان ركاد
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد صلى الله علية وسلم وعلى آله وصحبه وسلم ومن سار بهدية وسنته وجاهد بجهاده إلى يوم الدين.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا مصيبة الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا.. إخواني الأحباء أخواتي الفاضلات.. لماذا لا نشعر بالخشوع عندما نصلي، قليل منا من يخشع في صلاته، والكثير للأسف الشديد يصلي.. يؤديها حركات.. الله أكبر.. سمع الله لمن حمده.. يركع ويسجد ولكنه لا يدري ماذا صلى، ولا تأتي الأفكار ولا يشت به الفكر إلا عندما يصلي.. تأتي له كل شاردة وواردة.. يتذكر ما لم يتذكره عندما كان قبل الصلاة.. يشتد عليه الشيطان ويذكره بكل أمر إلا الصلاة، فلا يشعر إلا وقال السلام عليكم ورحمه الله وإذا كان في جماعة لا يشعر وكأنه في غيبوبة إلا صوت الإمام يقول في الركعة الأخيره السلام عليكم ورحمة الله... ما هو سبب هذه الظاهرة؟ لماذا أصبح الكثير منا بهذا الأمر.. لماذا أصبحنا أجسادا ميتة، في محاريب الصلاة لا نخشع الخشوع المفقود.. لماذا وما هو سببه؟ السبب الأول هذه القلوب أنها معلقه بغير الله غير متصلة بالله سبحانه وتعالى، ولو اتصلت هذه القلوب بالله لخشعنا في صلاتنا، ولكانت الصلاة أحب شيء إلى قلوبنا، "وجعلت قرة عيني في الصلاة" كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: واجعل قرة عيني أي استقرار عيني وهدوئي في الصلاة، وهو الذي إذا كانت اشتدت عليه الأمور والمصائب نادى: بلال يا بلال أرحنا بها يا بلال.. الله أكبر، والصلاة فعلا كما تؤدى كما يقول الله هي راحة هي هدوء هي طمأنينة.. هي لقاء مع الله تعالى، أنت عندك لقاء مع الله خمس مرات في اليوم.. عندك لقاء مع ملك الملوك لأن والله لو تطلب لقاء مع ما أقول ملك ولا وزير بل مدير إدارة المحظوظ من يحظي بهذه المقابلة بعد واسطة وبعد محاولات مضنيه ممكن أن تتاح لك الفرصة أن تقابل ذلك المدير، أما الوزير فهذه أمنيه صعبة.. أما الرئيس فهذه أمنية مستحيلة ربما.. فإحنا نقول ملك الملوك الله العظيم حبيبنا جميعا أنت عندك مقابله معه خمس مرات يومية.. بل إنك لك الحق أن تقابله في أي وقت شئت من الليل أو النهار.. ما لم يكن وقتا مكروه، سبحان الله، إذن هذه الفرص العظيمة في لقاء الله ملك الملوك.. أين يكون؟ في الصلاة.. حيث يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء". إذا أردت أن تدعو دعاء متقبلا فادعه وأنت ساجد، كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم "أكثر ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء".. كثير من الصحابة والتابعين تمنوا أن يموتوا وهم ساجدين؛ لأنهم أقرب ما يكونون لله سبحانه وتعالى.. إذن أين ذهب الخشوع، قلوبنا غير معلقة بالله، قلوبنا معلقة بالدنيا، قلوبنا معلقة بالنساء، قلوبنا معلقة بالمال.. صعد الدولار ونزل اليورو.. صعد اليورو ونزل الدولار! المضاربات.. بورصات المال.. التجارة.. ارتفعت ونزلت، مشاكلنا الزوجة الأبناء.. العم.. مباريات كرة القدم من غلب ومن هزم... مشغولون في أمور الدنيا، ولكن لسنا مشغولين بالله سبحانه وتعالى، لذلك الله يحرمنا من الخشوع لأننا نحن متسببين في هذا الخشوع، والخشوع ليست حركات وطأطأت.. فعندما رأى عمر بن الخطاب رجلا طأطأ رأسه قال له: ارفع رأسك فإن الخشوع ليس بطأطأة الرقاب، إنما إذا خشع القلب تبعته الجوارح، عندما ينزل رأسك أنت لا تشعر به، عندما تشغل القلب تتبعه الجوارح.. الجوارح كلها تتبع القلب، ولكن إذا لم يخشع القلب ذهب الإنسان.. طاف في الأرض كلها، وعندما رأت أم المؤمنين عائشة بعض الشباب يمشي الهوينى مطأطأ الرؤوس، سألت من هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء هم النساك، قالت: والله ليسوا بنساك، ليس الخشوع هكذا.. الخشوع عندما يدخل الإنسان الصلاة ينسى الدنيا وما فيها، بل إنه لا يشعر بشيء من الدنيا، بل إن بعض التابعين قطعت رجله ولم يشعر بها لشدة الخشوع، هل وصلنا لجزء من هذا الخشوع.. نسأل الله ذلك. كلما تخلصنا من الدنيا اكتسبنا شيئا من الخشوع، ولكن عندما تكون القلوب معلقة بالدنيا تعلقا كبيرا لا يمكن أن نخشع؛ لأننا سنفكر في الدنيا.. مالك بن دينا رضي الله عنه التابعي الجليل عندما قيل له بيتك قد احترق جرى وتعجب.. كيف يكون هذا الإمام الزاهد حرص على الدنيا هكذا، ولكن يفاجئهم عندما دخل البيت خرج بسجادة وإبريق، قالوا: يا إمام نقول لك بيتك احترق وتخرج لنا بسجادة وإبريق، قال: ما عندي سواهما، وقال كلمة تؤلم تجرحنا جميعا: تعب المثقلون، أي كل ما أثقلت نفسك تعبت واشتد عليك السؤال يوم القيامة.. وكلما تخففت من الدنيا خفف الله السؤال عليك، لذلك ضربوا أروع الأمثلة في الخشوع؛ لأنهم تعلقت قلوبهم بالله سبحانه وتعالى.. زين العابدين رضي الله عنه... علي بن الحسين رضي الله عنه جاء في الترجمة عنه أنه كان إذا توضأ اصفر وجهه، هذا قبل الصلاة، إذا توضأ انتابته رجفة ارتجاف كبير واصفر وجهه، يقولون له: يا إمام ما هذه الحالة التي تأتيك عندما تتوضأ؟ قال ويحكم أتدرون من سأقابل؟ هذا قبل، الصلاة أتدرون بين من سأمتثل.. سبحان الله هذا خشوع قبل الصلاة، فما بالكم بالصلاة جاء في ترجمته إذا صلى زين العابدين يركع ركوعا طويلا فيأتي الطير ويحط على ظهره لا يشك إلا أنه جزع شجره واقف لطول الركوع والسجود، هؤلاء فعلا هم اللذين عرفوا الدنيا حقيقة وليس اللذين جمعوا المال هم الذين جمعوا المال هؤلاء هم ملوك الدنيا والآخرة؛ لأنهم نالوا أجمل ما في الدنيا لذة العبادة، كما سيرون لذائذ الآخرة. وأيضا روي عن أبي حنيفة أنه صلى فجاء دبور وقرصه واستمر في صلاته وبلغوا 15 قرصة، وهو يصلي لم يشعر بهم حتى إذا انتهى شعر بآلام... لماذا؟ فرأى أن مكانها قد تورم. ويروى عن ابن الزبير كان إذا سجد لا يشعر بشيء، كانت أحجار المنجنيق تتساقط قربه ولا يقوم، لم يشعر بها.. نسأل الله أن نكون من هؤلاء، ونحشر معهم وننال هذا الخشوع في الصلاة وكل العبادات، نلقاكم على خير، والسلام عليكم ورحمة الله ADNANE ADN.