هو المنكسر القلب , الغزير الدمعة ,الحي الوجدان ,القلق الأحشاء ,صادق العبارة ,جم المشاعر , جياش الفؤاد , حي الضمير , التائب خالي من العجب , فقير إلى الرب , التائب بين الرجاء والخوف ,
والنجاة والهلاك , التائب في قلبه حرقه , وفي وجدانه لوعه , وفي وجهه أسى , وفي دموعه أسرار , التائب له في كل وقفة عبره إذا غرد الحمام بكى , وإذا صاح الطير ناح , وإذا شدا البلبل تذكر , وإذا لمع البرق اهتز , التائب يجد للطاعة حلاوة, وللعبادة طلاوة , وللإيمان طعما , وللإقبال لذة , التائب يكتب من دموعه قصصا , وينظم من الآهات أبياتا , ويألف من البكاء خطبا , التائب كالأم اختلست طفلها من يد الأعداء ,وكالغريق في البحر نجا من اللجة إلى شاطئ الأمان , التائب أعتق رقبته من أسر الهوى , وأطلق قلبه من سجن المعصية , وفك روحه من شباك الرذيلة , وأخرج نفسه من بحر الخطيئة . أخي من واجب الناس أن يتوبـوا ... ولكن ترك الذنوب أوجــب والدهر في صرف عجيب ... ولكن غفلة الناس عنه أعجـب والصبر في النائبات صعــب ... ولكن فوات الثواب اصعـب وكل ما نرتجي قريــب ... والوقت من دون ذلك أقــرب من صميم القلب قُل: ما عصيتك جهلا بك , ولا استهانة بحقك , ولا إنكارا لإطلاعك , ولا نسيانا لوعيدك , ولكن ضحية الشيطان والنفس والهوى ..... وكلي طمع في مغفرتك وكرمك وسعة حلمك . لسان الحال يقول : إلهي لا تعذبني فإنـي ... مقر بالذي قد كان منـي ومالي حيلة إلا رجائـي ... وعفوك إن عفوت وحسن ظنـــي فكم من ذلة لي في البرايـــا ... وأنت على ذو فضل ومـنّ إذا فكرت في ندمي عليهــا ... عضت أناملي وقرعت سنـي يظن الناس في خيرا وإني ... لشر الناس إن لم تعفو عني أجن بزهرة الدنيا جنونــا ... وأفني العمر فيها بالتمنـي وبين يدي محتبس ثقيـل ... كأني قد دعيت له كأنـي علامة التوبة الصحيحة : 1. أن يكون العبد بعد التوبة خير مما كان عليه قبلها . 2. أنه لا يزال الخوف مصاحب له لا يأمن مكر الله طرفة عين إلا أن يسمع قول ملائكة الرحمة عند الموت {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (30) سورة فصلت فهناك يزول الخوف والجزع . 3 . انخلاع القلب وتقطعه خوفا وندما ( كل حزن يبلى إلا حزن التائب عن ذنبه ) . 4. كسرة تحدث للقلب ( فلا شيء أحب إلى الله من كسر القلب والذل له والخضوع له والاستسلام له ) . قُل وبعين دامعة : أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني , أسألك بغناك عني وقوتك وضعفي وفقري إليك , هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك عبيد سواي كثير وليس لي رب سواك , لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك , أسألك مسألة المسكين , وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل , وأدعوك دعاء الخائف الضرير , سؤال من خضعت لك رقبته , ورغم لك أنفه , وفاضت لك عينه , وذل لك قلبه .