في الصورة الإفراج عن المحتجزين المغاربة ، في انتظار ترحيلهم من معتقل(مطار)هواري بومدين.
حقيقة غريب ما يجري في دولة الجزائر من تناقضات صارخة و مريبة، في وقتٍ أصبح فيه المرء لا يفرِّق بين الصالح و الطالح و بين الحق و الباطل و يجد نفسه مرغماً على التسليم بعدة مبادئ دخيلة عن ثقافته و انتمائه العقائدي الذي يُحتم عليه الاقتياد و فق المقتضيات الشرعية العربية الإسلامية و كذلك دستور الوطن، و كذلك الانسلاخ الطوعي عن احترام أصول الجوار مع الجارة المملكة المغربية بما تقتضيه الظروف من احترام للتاريخ و الجغرافية الذي تجمعهما و كذلك اللغة و الدين, تجدني أتأمل مقدمتي التي سأربطها بحادث وقع مؤخرا بمطار العاصمة الجزائر، حيث تواترت في الأسابيع الأخيرة عن إساءة معاملة مسافرين
مغاربة في مطار الجزائر، بحيث يتم استنطاقهم و احتجاز بطاقاتهم الوطنية و وثائق سفرهم، و بل الأدهى من ذلك كله احتجازهم داخل قاعات أشبه بسجن "أبو غريب" لا تتوفر على أبسط شروط الراحة كما أنها تفتقر إلى مواصفات قاعات الانتظار المتعارف عليها دولياً و حتى قاعات
التفتيش...؟؟؟، هذا كله مع تعمّد حرمان الرعايا المغاربة من الماء و الطعام لساعات قد تزيد عن اليوم أو اليومين، إلى أن يتم استنطاقهم و بعد ذلك يتم ترحيلهم على أول طائرة تعود أدراجها إلى المملكة المغربية.
عبد الله بلقزيز، سفير المغرب بالجزائر يستسفر المغاربة المحتجزين بالمطار
مع العلم أن أغلب هؤلاء الأفراد الذين تتم الإساءة إليهم، هم أشخاص عاديون و مواطنون مغاربة بسطاء...؟؟؟، فقد يتبادر لأغلب من قرأ الخبر بادئ الأمر، أن قرار الترحيل و الاحتجاز ذاك، يطال فقط الأشخاص الغير المرغوب في تواجدهم عادة فوق التراب الجزائري، سواء كانوا صحافيين أو فاعلين سياسيين و أو حتى فاعلين جمعويين .
لكنهم حقيقة الأمر هم مواطنون مغاربة، كباقي خلق الله، قصدوا الجارة الشقيقة "الجزائر"، دون مخلفات في التفكير أو عقد دفينة تعود بهم إلى زمن الخوالي أو ديكتاتورات الحكم في الجزائر....، و لكنهم مواطنون مغاربة قصدوا الجزائر لأسباب تختلف حسب كل مسافر سواء كانت مهنية أو عائلية أو حتى لأسباب جمعوية
و هذا السلوك المؤسف في نظري، يعود بنا إلى زمن الغوغائية في التفكير، و الذي ما زالت تغرق فيه دولة الجزائر و بالضبط قادتها العسكريون الذين يمسكون بزمام الأمور، في ظل غياب ديمقراطية حقيقية و هادفة من أجل إخراج الشعبين المغربي و الجزائري من عنق الزجاجة و محاولة ترك كل الملفات العالقة جانباً، و توريط الشعبين في متاهات لا أول لها و لا آخر، نتيجة صراع غير مشروع و أصلا ً هو صراع مفتعل حول وحدة المغرب الترابية، و بالتالي الاستجابة الإيجابية لطموح و تطلعات الشعبين الشقيقين على مر ركح من الزمن تجاوز حدود "ثلاثة عقود" في محاولة منهم لـَمّ و جمع كلمة الشعبين الشقيقين المغربي و الجزائري.
الإعتقال والعياء أثرا كثيرا المحتجزين بالمطار
و للأسف فإن ما تقوم به الجزائر حاليا و يتعرض له الرعايا المغاربة رغم اختلاف تلاوينهم، يُذكرنا بعهود ظننا أنها صارت من الماضي الدفين الذي ودعناه دون رجعة، لكن الواقع المعيش يفرض علينا أن نُسلم بان دولة الجزائر ما زالت تحن إلى أيام ازدهار أنظمة بوليسية تُخضِع مواطنيها لنيل تسلط أجهزتها التي تكتم أنفاسهم، و يطول تسلطها كل من سوّلت له نفسه من الأجانب وضع أقدامه في تلك البلدان.
و لسان الحال في دولة الجزائر يقول بما لا يدع مجالاً للشك في أن الشعب الجزائري "كان الله في عونه"، مُسيطَر عليه و مٌسير بطريقة ديكتاتورية قاتلة، تغيب فيها الديمقراطية الحقيقية، و التي من خلالها يتمكن كل مواطن أن يعيش كل حقوق المواطنة الكاملة...، دون قمع أو تهميش أو نكران، لذلك فالأجهزة العسكرية الجزائرية تُطوق مواطنيها و أبناءها، و هم يسمحون لأنفسهم "بالتسلط" على كل مغربي سولت له نفسه زيارة الجارة الجزائر طوعاً أو لغرض ظرفي.
و نتمنى صادقين ألا تحذو السلطات المغربية حذو طغاة و جبابرة الحكم في الجزائر، مع الرعايا الجزائيين أثناء تواجدهم على التراب المغربي، و هذا شيء بديهي و واضح، و لا يحتاج إلى تذكير ما دام المغرب ينتهج سياسة اليد الممدودة مع الشقيقة الجزائر، رغم تعنت هذه الأخيرة و فقدان دبلوماسيتها لصوابها مؤخراً بعد نعتهم لساسة المغرب بدعم الإرهاب في منطقة المغرب العربي، و حقيقة صدق المثل المغربي القح الذي يقول: " الجمل ما كي يشوفش حذبتو... و كي شوف حذبة خالتو....؟؟؟