قصة الهكر اللذي اخترق وكالىnasaالامريكية بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
اعتاد جيسون قضاء معظم أوقاته أمام جهاز الكمبيوتر، ليس لكونه طالب جامعي في قسم علوم الكمبيوتر فحسب، بل لأنه يعمل أيضاً في إحدى شركات الكمبيوتر بدوام جزئي، يضاف إلى ذلك ولعه، الذي يصل إلى حد الهوس، بالبرمجة والاتصال عبر الشبكة.
وكان يعمل باستمرار، على كتابة وتطوير شيفرات برمجية، تسمح بالدخول غير المشروع إلى الشبكات الداخلية لمواقع إنترنت، عن طريق اصطياد كلمات المرور السرية. وكان تطوير هذا النوع من الشيفرات البرمجية، يستهوي الطلاب ويعد أحد مجالات التفاخر بينهم. اجتهد جيسون لذلك، في كتابة العديد من هذه الشيفرات، وتمكن بواسطتها من الدخول، عدة مرات، بشكل غير مشروع إلى شبكات الكمبيوتر في بعض الجامعات في كندا، والتعرف على النظم الأمنية التي تعتمدها.
أصبح جيسون فجأة عاطلاً عن العمل، مما ولد في نفسه شعوراً بالظلم، لأنه فقد مورداً مالياً يعينه في نفقاته الدراسية، والأهم من ذلك، لثقته بأنه كان ناجحا ومتفوقاً في أداء عمله.
وعندما أصبح عاطلاً عن العمل، وصار لديه بعض من فراغ الوقت، يضاف إليه مهارة في البرمجة، فقد ركز جل اهتمامه على هوايته المفضلة، وهي إعداد وتطوير الشيفرات البرمجية، التي تساعده على اختراق نظم شبكات الكمبيوتر.
وبما أنه تمكن سابقاً من الدخول إلى بعض المواقع المهمة، بدون أن يترك أثراً وراءه، فقد تطلع إلى عبور الحدود الكندية باتجاه الولايات المتحدة، طامحاً في اختراق أسوار واحد من أهم وأخطر مواقع ويب فيها، وهو وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، وذلك بهدف التعرف على النظام الأمني، الذي تتبعه في الحماية.
مؤكد أن جيسون ليس بأحمق! فالوصول إلى مثل هذه المواقع يكاد يكون مستحيلاً، وذلك بفضل برامج الحماية المعقدة، التي تجعل منها قلعة منيعة. لكن.. فكرة قهر المستحيل وجعله واقعاً، ألهبت حماس الشاب ابن الثانية والعشرين، وجعلته يتفرغ لهذه المهمة، ناسياً، أو متناسياً خطورة العبث مع هذه المواقع.
بدأ جيسون أولى تجاربه، في إحدى زياراته لمنزل والده، المنفصل عن والدته. وخلال فترة وجيزة، أصبحت زياراته لمنزل والده يومية، يقضي خلالها الساعات، في محاولات مرهقة للوصول إلى مبتغاه. وكان يتصل بموقع "ناسا" عن طريق برنامج Telnet، ثم يرسل بواسطته شيفرات برمجية، كان يطورها بشكل خاص لاختراق هذا الموقع. واستمر جيسون على هذه الحال لمدة تزيد على الشهر.
وجاءت المفاجأة، ليعلن انتصاره في هذا التحدي، ويعطي لنفسه شهادة في الكفاءة والمهارة، كونه تمكن من اختراق بعض أسوار القلعة المنيعة، وحصل على بعض المعلومات البسيطة.. صحيح أنه لم يتمكن من الوصول إلى أعماق بعيدة، كونها موغلة في التعقيد والسرية، لكنه اكتفى بما حققه. وكم تمنى أن يعلن على الملأ نجاحه وتفوقه فيما عجز عنه غيره من الأذكياء، لكن خوفه من عواقب ذلك منعه من إخبار الآخرين، واكتفى بما منحه إياه نصره من ثقة بالنفس بللت حداً بعيداً من الغرور.
استنفرت أجهزة الأمن، في ناسا، بعد اكتشافها الاختراق، والذي نجم عنه أضرار في الملفات، قدرت قيمتها بحوالي سبعين ألف دولار، بإضافة إلى اضطرار الوكالة لتغيير النظام الأمني لموقعها على الشبكة. ورفعت ناسا الأمر إلى مكتب التحقيقات الفيدراليFBI، الذي بدأ تحقيقاته بفحص سجلات الدخول إلى الشبكة، في الفترة التي اخترق الموقع خلالها، وتمكن المكتب من التعرف على رقم IP للكمبيوتر الذي قام بهذا الفعل. وأظهر هذا الرقم أن الاتصال تم عن طريق مؤسسة تقدم خدمات إنترنت في مدينة تقع شمال اونتاريو في كندا، وليس في الولايات المتحدة الأمريكية. استعان مكتب التحقيقات الفيدرالي بالشرطة الكندية الملكية، وقدم لها المعلومات التي في حوزته، مثل رقمIP للكمبيوتر المتصل، والزمن الذي تم فيه الاتصال.
بدأت الشرطة الملكية الكندية مهمتها، بالاتصال مع مؤسسة خدمات إنترنت المشار إليها، وحصلت منها على اسم المشترك الذي يعود إليه رقم IP المذكور. وبدأت التحقيق معه، فتبين لها من خلال أدلة واضحة، عدم قيامه بمثل هذا الفعل. توصلت الشرطة الكندية الملكية إلى نتيجة مفادها، أن الفاعل لا بد حصل، بطريقة غير مشروعة، على رقم المرور السري لذاك المشترك، وأجرى الاتصال عن طريقه. لم يبق أمام الشرطة الكندية الملكية سوى محاولة التوصل إلى الفاعل عن طريق رقم الهاتف الذي انطلق منه الاعتداء. وتمكنت، فعلاً، من الوصول إلى هذا الرقم، بالاستعانة ثانية بمؤسسة خدمات إنترنت المعنية، ومؤسسة الهاتف الكندية. وتبين لها أنه يعود إلى منزل شخص يعمل مديراً لإحدى الشركات الكبرى، ولا تضم سجلاته أي سوابق بمثل هذه الأعمال أو غيرها!! عندها قامت بجمع المعلومات عن الأشخاص الذين يترددون على المنزل، لتكتشف ابنه جيسون، الذي يدرس علوم الكمبيوتر. وتوصلت من خلال البحث والتحري وجمع المعلومات عن الشاب، إلى أنه كان يتردد على منزل والده باستمرار، في الفترة التي حصل خلالها اختراق موقع ناسا. وبينت كل التحريات أن جيسون لابد أن يكون النموذج المثالي لمثل هذه الأعمال.
ولكي لا تترك له مجالاً للإنكار، داهمت كلاً من منزل والده ووالدته، واحتجزت جهازي الكمبيوتر اللذين كانا موجودين لدى كل منهما، كما وجدت عدداً من البرامج التي تستخدم في مثل هذه الأعمال، بالإضافة إلى مجموعة من الوثائق المهمة، والتي تؤكد قيام جيسون بفعل الاختراق. وعندما واجهته الشرطة فوجىء، كونه كاد ينسى الأمر لمرور عدة أشهر على قيامه به.
قضية جيسون أمام المحكمة الآن، ومن المتوقع الحكم عليه بسنة سجناً، وتغريمه مبلغ مائة ألف دولار، لقاء الأضرار التي ألحقها بشبكة وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا".
وشكرا ..