استبعد مصدر جيد الاطلاع بوزارة الخارجية المغربية عقد أي لقاء غير رسمي مع مفاوضي جبهة البوليساريو نهاية الشهر الجاري نظرا إلى تزامن هذا الموعد مع الذكرى العاشرة لتربع الملك محمد السادس على العرش. وحسب المصدر ذاته، فإن هذا اللقاء التمهيدي للجولة الخامسة من المفاوضات سينطلق عمليا خلال الأسبوع الأول من شهر غشت القادم، بخلاف ما صرح به مسؤول بجبهة البوليساريو من كون هذه الجولة غير الرسمية ستعقد في عاصمة النمسا فيينا نهاية الشهر الجاري. وكما بدأ الطرفان مختلفين حول موعد بدء هذه المفاوضات غير الرسمية، فمواقفهما متضاربة حول تأويل تصريحات الأمريكي كريستوفر روس، راعي هذه المفاوضات. ففي الوقت الذي تشير فيه مصادر البوليساريو إلى أن المبعوث الأممي الجديد، الخبير في حل النزاعات الدولية، سيحاول مع الأطراف مسح كل آثار المقترحات السابقة، وبالتالي الانطلاق من نقطة الصفر وتحديد منهجية جديدة من أجل الانتقال إلى ما بعد الصفر، يرى الطرف المغربي أن إعطاء مثل هذه التفسيرات يبقى أمرا سابقا لأوانه لأن هذه المحادثات لم تنطلق حتى يمكن الإدلاء بهذه الأحكام. عدم استقبال الملك محمد السادس لروس، خلال حلوله بالمغرب في جولته الثانية التي عبدت الطريق لهذه المباحثات، كان مجالا خصبا لجبهة البوليساريو والجزائر من أجل نسج عدد من الحكايات أبرزها أن الدوائر الرسمية بالمغرب غير راضية عن أداء روس وأنها ترى فيه نموذجا مستنسخا عن مواطنه جيمس بيكر الذي خلص إلى مخطط سبق للمغرب أن رفضه في عهد الراحل الحسن الثاني. لكن مصادر جيدة الاطلاع بوزارة الخارجية المغربية ترد على تأويلات الجزائر والبوليساريو بكونها غير مؤسسة على معطيات حقيقية وأنه ليس ضروريا أن يستقبل العاهل المغربي هذا المبعوث في كل مرة يحل فيها بالمغرب، فهناك حكومة وهناك جهات دبلوماسية تتابع معه المهام التي يشتغل عليها، يضيف المصدر ذاته. ولا يرى الخبير في العلاقات الدولية تاج الدين الحسيني أي تأثير لعدم استقبال الملك محمد السادس لروس خلال زيارته الأخيرة للمغرب، موضحا، في تصريح لـ«المساء»، أن العاهل المغربي يغيب عن مؤتمرات دولية بسبب انشغالات داخلية، فبالأحرى عن لقاء مبعوث أممي على حساب أحد هذه الانشغالات. وحول ما إذا كانت الطريقة التي ينهجها روس في رعاية هذه المفاوضات ستعيد الأمور إلى نقطة الصفر التي يعتبرها القائمون على الدبلوماسية المغربية خطا أحمر، أوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط أن المغرب تريث طويلا عقب تنحية الوسيط الأممي فان والسوم ووافق على تعيين كريستوفر روس وسيطا جديدا بشروط في مقدمتها ألا ينطلق من الصفر وأن يأخذ بعين الاعتبار التقدم الذي حققه المبعوث الأسبق الذي خلص إلى كون خيار الاستقلال والاستفتاء بإقليم الصحراء خيارا غير واقعي. وحول السيناريوهات الممكنة خلال المباحثات غير الرسمية التي ستحتضنها فيينا، عاصمة النمسا، قال تاج الدين الحسيني إن هذه اللقاءات ستكون مناسبة ومجالا واسعا للمشاورات والنقاش الحر وتليين مواقف الأطراف قبل الذهاب إلى الجولة الخامسة من المفاوضات الرسمية. من جهة أخرى، استبعدت مجموعة من المصادر المتطابقة تغيير تشكيلة الوفدين اللذين سيخوضان هذه المفاوضات، سواء من الجانب المغربي أو من جانب جبهة البوليساريو.