هكذاشاءت الأقدار ، أن يغشى نور الصباح ظلمة الليل التائه ، وتومض الذكرياتالجميلة بألقها الباعث على الحياة لتفجّر الأمل في واقع الحاضر الكئيب ،فيتجلّى بنور تداخل تلك المشاعر الصامتة ، لقاء يشهد له الخيال بندرةالوجود على سهول هذه الأرض ، لكنّه يأبى إلا أن يتمّ على ملامح خدٍّ احتضنسحر تلك المواجهة.
لقاءبين دمعتين حائرتين متوازيتين في حوارٍ غريب ، كلؤلؤتين فريدتين ومتشابهتين في الصفاء والبريق ، لكنّهما متباينتين في الانفعالات و المشاعر، إنهما دمعتي الحزن والفرح..
نظرت كلّ واحدةٍ إلى الأخرى بدهشةٍ وحيرة حتى تفجّر الصمت بهمسات الحوار الخافتة..
دمعةالحزن: سمعت عنك الكثير يا دمعة الفرح ولم تسنح لي الفرصة بشرف لقائك منقبل ، وإن كنت تماثليني بخواصك السائلة الرشيقة فاعلمي أنّ ما بداخلي منالعواطف الغارقة ما يخفى عن أعماقك أيتها القطرة الصغيرة الصافية.
دمعةالفرح: والله ما أكون يا دمعة الحزن سوى عصارة لقاء أحاسيسٍ رقيقة تمازجتبنسائم الروح المضطربة وارتقت بها إلى حدود الخفّة والسموّ حتى انفرجتأسارير الجسد ، فكنت اللؤلؤة البرّاقة على الخدود النضرة والمنارة الدالّةعلى إشراقة السعادة ، أتدحرج بلا تمهّل حتى أغرق في ثنايا نفسٍ مطمئنّةلأسّتمدّ منها النّور وأمدّها بالفرح من جديد.
دمعةالحزن: إنني رمز الحقيقة أيتها الدمعة المتفائلة ، وإنّ مشاعر القلقوالخوف والألم التي أوجدتني أودعت في داخلي أسرارا" عصيّة" على العقول ،حتى استغاث البحر من غموضها و اعتذرت أعماقه عن ضمّها إلى أسراره ، فأناالقطرة العجيبة التي تحتضن من ألوان الأحاسيس ما يعجز عنه الإحصاء والعدد، أسيل ببطءٍ وشرود على خدّ إنسانٍ ممزّق ، لتغوص في ذاكرتي صور الحزنالقاتمة التي أرتشفها من معالم بشرته اليائسة حتى ألامس تراب الأرضفيستجير بلهيبي الحارق..
دمعةالفرح: أتيت إليك من ذكريات الماضي الجميلة يا دمعة الحزن ، أخبّئ بينجوانحي نورا" يتلألأ في عالمي الصغير ، لكنّه ينتثر كأشعة شمس الربيعالدافئة ليبدّد ظلماتك الحالكة الموحشة ، فننير معا" درب الحاضروالمستقبل..
اقتربتدمعة الفرح من صديقتها الحزينة واستأذنتها بالمرافقة إلى المجهول ،فانصهرت الدمعتان بعناقٍ حميم ، لتتغلّب قبسات نور ذكريات الماضي المشرقةعلى ظلمات الحاضر،فأضحى الطريق إلى المستقبل ممهّد بزهورٍ ذات ألوانٍ شتّىتتفتّح عند كلّ ميلادٍ لهذا اللقاء ، وأشواكٍ جارحةٍ دامية عند كلّ لحظةٍمن لحظات الفراق التي تسقى بدموع الحزن والألم.
الموضوعالأصلي : لقاء بين دمعتين المصدر : مــ ـعهد ســـ ــماء المغرب