حكم المشي بالنعال بين القبور العلامه الالباني رحمه الله
قال السائل : ما حكم خلع النعلين في المقابر؟
قال الشيخ رحمه الله وأدخله فسيح جناته : الجواب كما هو معلوم في كل أمر صدر من النبي صلى الله عليه وسلم الأصل فيه أنه للوجوب إلا إذا وجدت قرينة تصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب ولا قرينة هنا وعلى ذلك ينبغي البقاء على الأصل ألا وهو الوجوب ولكني أقول قد يمكن هنا أن نتلمس قرينة تؤكد أن الأمر هاهنا على الوجوب من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام ( لا تجلسوا إلى القبور ولا تصلوا إليها ) ففي هذا الحديث وهو في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين أمرين أو شيئين متباينين فهو من جهة يأمر باحترام الميت وذلك بالنهي عن الجلوس على قبره ومن جهة أخرى ينهى عن المبالغة في احترام الميت فينهى عن الصلاة إلى القبر فقال عليه الصلاة والسلام لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها . والسؤال السابق آنفا في الأمر فيما يتعلق بالمشي بين القبور " يا صاحب السبتيتين اخلع نعليك " كذلك هنا يرد السؤال نفسه في قوله عليه السلام "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها " هل النهي هنا للتحريم أم للتنزيه ,الجواب كالجواب السابق بالنسبة للأمر فكما أن الأصل في الأمر الوجوب فكذلك الأصل في النهي التحريم فقد يقول قائل نهيه عليه السلام عن الجلوس على القبر وعن الصلاة إلى القبر هل هو للتحريم أم للتنزيه الجواب كما سبق بالنسبة للأمر الأصل فيه أنه للتحريم , وحينئذ يمكننا أن نستنبط من نهبه عليه الصلاة والسلام عن الجلوس على القبر أنه يلتقي مع أمره لصاحب السبتيتين بخلعهما وذلك من باب احترام المقبورين فالتقى هذا الحديث بذاك وصار الثاني قرينة مؤيدة كون الأمر في حديث السبتيتين هو على أصله أي الوجوب قد يورد بعض الناس في مثل هذه المناسبة حديث إن الميت إذا وضع في قبره فإنه يسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرين. فيتوهمون أن الحديث يدل على جواز المشي بين القبور وليس الأمر كذلك ذلك لأنه من الضروري أن نتصور أولا أن إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الميت إذا وضع في القبر أنه يسمع قرع النعال أنه يعني أن المشي بين القبور بالنعال جائز لأنه يمكن أن نتصور الأمر لا يصطدم مع أمره لصاحب السبتيتين بخلعهما , يمكن أن نتصور أمرين اثنين دفعا للتعارض الأمر الأول: أنه لا تلازم بين سماع الناس عند انصرافهم لدفن الميت أن يكون الدفن بين القبور بحيث يستلزم هذا الدفن المشي أيضا في النعال بين القبور , يمكن أن يكون هذا السمع من الميت لقرع النعال في وضع خاص , كأن يدفن في حافة المقبرة في جانب منها فحينئذ لا يستلزم إذا ما استحضرنا هذه الصورة أن يكون الناس قد ساروا بين القبور بنعالهم الشيء الثاني: يوجد لدينا قاعدة أصولية تساعد على التوفيق بين الأحاديث التي قد يبدو التعارض بينها أحيانا من هذه القواعد أنه إذا تعارض حاضر ومبيح قدم الحاضر على المبيح حديث السبتيتين يحضر على المسلم أن يمشي بين القبور متنعلا الحديث الثاني في ظاهره إذا لم نحمله على المحمل الذي ذكرته آنفا في ظاهره يفيد إباحة المشي بين القبور بالنعلين فإذا تعارض حاضر ومبيح قدم الحاضر على المبيح وهذه القاعدة بداهية جدا لمن يتتبع تدرج الأحكام الشرعية وطريقة ورودها ونزولها على قلب النبي صلى الله عليه وسلم.انتهى كلامه رحمه الله. المصدر : سلسلة الهدى والنور الشريط رقم 317 الدقيقة 3:55