لما الخوف ؟؟؟ أعتقد أن السبب الرئيس وراء تجبر و تسلط الأنظمة الحاكمة على رقاب عباد الله ، و الممارسات اللامسؤولة والإحتقارية التي تتعامل بها الإدارات المغربية تجاه المواطن ، مردها و مرجعها بالأساس و حسب رأي هو المواطن بحد ذاته ، فالخوف الذي ترسخ عنده منذ أمد بعيد تحت ظل المخزن و زبانيته جعله ينظر لكل بنايات تحتوي على مكاتب و موظفين يرتدون ربطة عنق مزركشة على أنها مكان مقدس يترك عند مدخلها رداء الكرامة و الشرف ، و يطأطئ داخلها الرأس و يلوذ بالصمت و إن تكلم أخفت صوته و احمرت وجنتاه و تلعثم في الكلام و تصبب عرقا و شعر بتوثر و اضطراب ...هو الخوف إذن الذي عشش في نفوس المواطن الكادح و الذي منذ صباه لا يسمع إلا عبارة واحدة :" لا تمزح مع المخزن " ، الأسبوع الماضي وجدت نفسي مضطرا للذهاب إلى مخفر الشرطة أو بلهجتنا الممزوجة بلغة الفرنسيين " الكوميسارية " قصد الحصول على شهادة السكن لتجديد بطاقتي الوطنية ، استيقظت باكرا حتى أخذ مكان متقدما في الصف و حتى أتجنب حرارة الشمس التي تسطع على رؤوس الموطنين المنتظرين دورهم ، كان لي ما أردت لم أجد إلا امرأة جلست على عتبة باب المخفر تنتظر وقفت بالقرب منها منتظرا ...مرت قرابة الساعة و صار الصف طويلا و الكل واقف في صمت مطبق لكن عيونهم كانت تحتج على هذا التأخر لكن ...الخوف ...و بعد لحظات جاء موظف يضع نظارة سوداء على عينيه فتح الباب و قبل أن يدخل المقر ، أزاح نظارته و نظر إلى الوقفين الخاضعين نظرة تحمل أكثر من معنى لكنها لا تستطيع أن تخفي ما يكنه هذا الموظف من احتقار و ازدراء تجاه الواقفين ، قال بصوت مرتفع و كأنه يخاطب قطيع من الغنم :" من الأول ؟" أجبت المرأة :" أنا ياسيدي ...منذ الصباح الباكر و أنا هنا أنتظر..." ارتسمت على شفتاه ابتسامة ساخرة مستهزئا :"أرجوا أن تسامحنا لو علمت أنك قادمة لأتيت منذ الفجر " لم أستطيع ضبط نفسي أكثر من ذلك فقلت له لا نريدك أن تأتي في الفجر لكن من وجبك الالتزام بالوقت فلنا مشاغلنا" فأجابني بفضضة محاولا إخافتي :" وما دخلك أنت ؟ عليك أن تنتظر حتى لو تأخرت أكثر من هذا...لسانك طويل " ثم حرك رأسه مهددا و هما بالدخول فقلت له :"ما هذه الطريقة التي تتعامل بها؟ نحن موطنين و لسنا خدم عندك ، وماذا تقصد بحركتك تلك هل هو تهديد أم ماذا؟ " اقترب مني كثيرا لكنني بقيت مكاني مع علمي أنه يستطيع فعل أي شيء لكنني متأكد من شيء واحد هو أنني لم أتجاوز الحدود معه و فرضت عليه طريقة مهذبة في الكلام قال لي بهدوء :" ماذا تريد الأن؟" قلت له :"أريد شهادة السكنى " قال :"تفضل لا مشكلة " قلت له المرأة أولا ثم أنا بعدها" قال لي :" لا مشكلة "توجه للمرأة و أمرها بإتباعه لم تمضي سوى بضع دقائق حتى خرجت المرأة مسرورة ووجهت لي الشكر و رحلت... ثم دخلت استقبلني بوجه كله أدب و لطف و أخذ الوثائق اللازمة ...ثم قال لي حين هممت بالإنصراف :" لا أحب نظرات الخوف التي يرميني بها الناس..." قلت له :" تصرفاتكم هي التي زرعته في نفوسهم " ...خرجت و عيون الناس ترمقني بنظرة غريبة تُجمل الكثير من المعاني ، و أنا أرحل عن المكان التفت فوجدت كل من في الصف خائفا و الموظف يصرخ و يشتم ...الخوف يصنع الديكتاتور و ينفخ ريشه و يسمح للصغار أن يتنططوا على رقابنا ... عمود ولد الشعب / عبد الرزاق التابعي