اعتبر خالد الناصري، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، هذا التراجع "عنصر إزعاج بالنسبة للحكومة"، وأنه "عار بكل ما في الكلمة من معنى".
وقال الناصري، في اتصال مع "المغربية"، إن "المغرب عرف تراجعا في المؤشر الذي أصدرته ترانسبرانسي، وهذا عنصر إزعاج بالنسبة لنا"، مضيفا أن موضوع محاربة الرشوة "يشكل أولوية لدى الحكومة، لأن تخليق الحياة العامة يعتبر من أهم هواجسها".
وقال الناصري إن الحكومة "تأخذ نتائج التقرير بعين الاعتبار وبالأهمية التي يستحقها". وعن الإرادة السياسية المفترضة للمضي قدما في محاربة الرشوة، أكد الناصري أنه "ليس هناك من يجادل فيها"، موضحا أن "إجراءات وترتيبات جرى وضعها، وكان آخرها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، التي عين جلالة الملك محمد السادس رئيسا لها". وأشار الناطق الرسمي باسم الحكومة أيضا إلى أنه ليس في نية الحكومة التراخي، وقال "إننا نعتبر الأمر عارا، بكل ما في الكلمة من معنى".
وبخصوص الأسباب التي أدت إلى تراجع المغرب من الرتبة 72 إلى الرتبة 80 في تقرير "ترانسبرانسي أنترناسيونال"، في الوقت الذي حققت دول أخرى تقدما، أوضح الناصري أن السبب يرجع إلى "بعض التراخي"، مؤكدا أن "المتابعة اليومية قائمة، لكنها تحتاج إلى نفس جديد، وإلى الرفع من وتيرة محاربة الرشوة، بوضع مزيد من الإجراءات الرادعة، وتخليق الحياة العامة في المؤسسات العمومية، وفي كل مناحي الحياة الإدارية والاقتصادية والاجتماعية"، معتبرا أن "موضوع محاربة الرشوة يتطلب مشاركة كل الأطراف والجهات المعنية، وليس الحكومة وحدها".
من جهتها، أكدت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبرنسي المغرب)، أن الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، كجهاز عمومي مكون من ممثلين عن الدولة والمجتمع المدني، توجد في وضعية تمكنها من استعادة ثقة المواطنين في نجاح سياسة محاربة الرشوة.
وأعربت الجمعية في بيان وزع خلال لقاء صحفي نظمه، أول أمس الثلاثاء،
بالدارالبيضاء "مرصد الرشوة بالمغرب"، عن الأمل في أن تجد الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة "مخاطبا عموميا متميزا في هذا المجال، وفضاء مفتوحا للحوار والخبرة والاقتراح والترافع".
واعتبرت "ترانسبرنسي المغرب" أنها، باعتبارها منظمة غير حكومية، "ستجد نفسها ضمن هذه الهيئة مع ممثلين آخرين للمجتمع المدني، تقاسمهم أهم تحاليلها ومقترحاتها"، مؤكدة أنها ستعمل مع هذه الهيئات على "تشكيل جسم واحد مع باقي الأعضاء المتحدرين من المنظمات غير الحكومية، لرسم خطة مشتركة، وتصور سياسات تكون في مستوى تطلعات المواطنين، والسهر على تطبيقها".
وأشارت "ترانسبرنسي المغرب" إلى أن تعيين رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بتاريخ 20 غشت الماضي "يعتبر بمثابة إعلان عن انطلاق وشيك لعملها، وبلورة تشخيص شامل ومشترك للوضعية، لوضع استراتيجية وطنية لمحاربة الرشوة".
من جهته، أشاد بيتر إيغان، رئيس اللجنة الاستشارية لمنظمة الشفافية الدولية (ترانسبرانسي أنترناسيونال)، بالجهود التي ما فتئ المغرب يبذلها من أجل محاربة ظاهرة الرشوة.
وقال إيغان، في لقاء صحفي عقده أول أمس الثلاثاء، بمقر البنك الإفريقي للتنمية بتونس العاصمة، "المغرب خطا خطوات كبيرة" في العشرية الأخيرة. مذكرا بالمجهودات المبذولة من طرف فرع المنظمة بالمغرب، والهيئات الحكومية والمنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني "النشيط جدا" ووسائل الإعلام، لمحاربة ظاهرة الرشوة.
واعتبر إيغان الرشوة عائقا كبيرا للتنمية، وبالأخص في إفريقيا، التي تعاني أكثر من غيرها من هذه الظاهرة، مبرزا أن من أكثر القطاعات، التي تستشري فيها الرشوة، قطاعا البناء والمياه. وأكد على العلاقة التلازمية بين الرشوة والفقر، وضعف المؤسسات، وأخطار العنف، والنزاعات.
وأشار إلى أن التركيز في تقرير هذه السنة على قطاع المياه يرجع، بالأساس، إلى حيوية وأولوية القطاع، مبينا أن حوالي 1.2 مليار نسمة لا يستطيعون النفاذ إلى الماء الصالح للشرب، وأن 2.6 مليار آخرين يعانون نقصا في ولوج وسائل التطهير، فيما يتوفى سنويا 11 مليون طفل في العالم نتيجة أمراض مرتبطة بالمياه.
وأكد أن الفساد والرشوة يحولان دون بلوغ أهداف الألفية للتنمية، التي وعدت الأمم المتحدة بتحقيقها بحلول 2015، معتبرا نتائج تقرير المنظمة لعام 2008 بالنسبة لإفريقيا، الذي أذيع الثلاثاء الماضي، في وقت متزامن في برلين وتونس، والذي جرى إعداده على أساس تصنيف 180 دولة وفقا لتحليل مجموعة دولية من رجال الأعمال والخبراء والجامعيين، بأنها في مجملها «محتشمة».
ويتدرج مؤشر الفساد من عشر نقاط بالنسبة لدولة تعتبر «نظيفة» إلى صفر بالنسبة لدولة تعتبر «فاسدة».
ووفق التقرير يأتي في طليعة الدول المصنفة كأفضل دول «نظيفة» في العالم الدنمارك والسويد ونيوزيلندا، إذ بلغ مؤشر كل منها 9.3 نقاط، تتبعها سنغافورة بـ9.2 نقاط.