السؤال: هل جهاد النفس هو الجهاد الأكبر؟ وما مدى صحة الحديث القائل: { رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر }؟ الجواب: الحديث غير صحيح، وكلمة (في سبيل الله) إذا أطلقت؛ فالأصل فيها هو جهاد الكفار، والجهاد الأكبر هو قتال الكفار، ولكن أيضاً لا ننسى أن الجهاد نفسه -كما قلنا- درجات: جهاد الدعوة، وجهاد العلم، وجهاد القتال؛ فلو جادلت الكفار ودعوتهم وناظرتهم وصبرت على عدائهم، لكان هذا جهاداً، فليس جهادك فقط أن تقاتلهم، فهذا أيضاً جهاد الدعوة الذي قال الله عنه لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً [الفرقان:52]، أي: بالقرآن، وسماه جهاداً كبيراً. وفي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [التحريم:9] قال بعض السلف : أي: جاهد الكفار بالسيف، وجاهد المنافقين بالحجة، وذلك كما قال الله عز وجل: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً [النساء:63] فالله تعالى يأمره أن يجاهد المنافقين بإقامة الحجة، مثل من يقول: أنا مسلم! وعنده شركيات، فإنه يُجَاَهدُ جهاداً قولياً، جهاد حجة وبيان ودعوة. ولكن الجهاد بالسيف رغم عظم شأنه قد يكون من أهون أنواع الجهاد، فإذا قام في المسلمين قائمة فإنه قد يجتمع في اليوم الواحد عشرة آلاف، وينفع فيه الذي يستطيع أن يحمل السيف فقط، وكل واحد يستطيع أن يمارس فيه دوراً، لكن جهاد الدعوة لا يستطيع له ولا ينفع فيه إلا قليل جداً؛ فطلبة العلم في كل بلد قليل، والذي ينفع منهم للدعوة قليل، وهذه هي المشكلة، والجهاد الأساس الذي نجتهد ونسعى في تحصيله، ولولاه ما نفع الجهاد، أنك تجمع الناس وتعلمهم وتربيهم. فالقبائل في أي بلد من البلدان، إذا استنفروا نفروا كلهم من أجل جهاد الكفار، أو قتال أية طائفة، لكن لو كانت عندهم عادة اجتماعية من العادات السيئة فإنهم ليسوا مستعدين أن يتنازلوا عنها حتى لو قاتلتهم بالسيف، فمن أصعب الأمور أن تستقيم النفوس على دين الله عز وجل، أما الاستنفار لقتال الآخرين فإن كثيراً من الناس يرونه سهلاً، وهؤلاء غالباً يفرون عند أول لقاء؛ لأن المسألة عندهم ليست من أجل الدعوة، بل من أجل أنهم استنفروا، أو يطمعون في مغنم ما. والقضية دقيقة تحتاج إلى تفصيل أكثر من هذا.